مراكز القوى تمكن البشير للسيطرة على كل المفاصل بتعيين الولاة

وينظر بعض نواب البرلمان إلى أن التعديلات ستأتي تثبيتا لأمر قائم أصلا، مشيرين إلى أن نصف ولايات السودان يحكمها الآن ولاة معينون.
وكان البشير اقترح على البرلمان في افتتاح دورته الجديدة إجراء تعديلات عاجلة وضرورية، وطالب بإجازتها لتتماشى مع المرحلة القريبة المقبلة.
وانتقد البشير بشدة تجربة الحكم اللامركزي في الفترة السابقة، مؤكدا أنها أظهرت ممارسات خاطئة في التطبيق أدت إلى تفشي الجهوية والعصبية القبلية، مما يشكل تهديدا للأمن القومي السوداني.
وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع والشؤون الخارجية بالبرلمان محمد يوسف عبد الله إن الأخطاء التي صاحبت تطبيق تجربة الحكم الاتحادي في الولايات استدعت ما طرحه البشير.
سلبيات التجربة
وأكد عبد الله للجزيرة نت أن التجربة السابقة أقعدت الولاة عن التعامل مع الكثير من القضايا وبالذات في الجانب الاقتصادي، مما جعل الولايات تعتمد في ميزانياتها على تحويلات المركز بنسبة 90%.
كما أكد أن التجربة أضرت بالتنمية في الولايات وأضعفت أجهزتها عن الاضطلاع بأعمالها، مشيرا إلى أن “هذا مضى بغير رجعة لأن الرئيس طلب تعديل الدستور بحيث يتم اختيار الولاة بحسب كفاءتهم، على أن يحاسبوا على أدائهم كأي مسؤول تنفيذي”.
وكان رئيس البرلمان السوداني استبق خطاب البشير بترجيحه للصحفيين أن تشمل التعديلات مادة تتعلق بتعيين ولاة الولايات بدل انتخابهم.
أما النائب البرلماني عماد البشري فأشار إلى أن التعديلات التي طلبها البشير بخصوص اختيار الولاة قد تكون تمهيدا لتعديلات أخرى تكون بديلا عن إجراء الانتخابات، “مثل التجديد للرئيس عبر البرلمان، والتجديد للبرلمان نفسه حتى تظل المؤسسات قائمة”.
المركزية القابضة
لكن البشري دعا في حديث للجزيرة نت إلى أن يتم ترشيح الولاة من مواطني ولاياتهم، “لا أن تختارهم الخرطوم بشكل يعيدنا إلى المركزية القديمة القابضة”.
وأضاف أن إفرازات تجربة الحكم الاتحادي الجهوية والعصبية والمناطقية رغم خطورتها، لا يمكن أن “تعمينا عن حق أبناء الولايات في اختيار من يرضونه لولايتهم”.
من جهته رأى النائب البرلماني فيلو ثاوس فرج أن تجربة الحكم الاتحادي قدمت كثيرا من الإيجابيات التي يجب عدم تجاهلها، مقابل السلبيات التي يشير إليها الآخرون.
وقال فرج للجزيرة نت إن التعديلات المطلوبة يجب أن تصب في اتجاه دعم تجربة الحكم الاتحادي والتمسك بالإيجابيات التي أظهرها، وإشاعة روح التوحد بين أبناء السودان دون الاعتماد على الحسابات القبلية والعصبية.
يشار إلى أن قضية تعيين الولاة أو انتخابهم أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى انقسام قادة الحركة الإسلامية عام 1998، مما أدى إلى تشكيل حزبين هما المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة حسن الترابي والمؤتمر الوطني بقيادة البشير.
لكن مراقبين أشاروا إلى ” التغيير الإلكترونية” أن مراكز قوى داخل المؤتمر الوطني تهدف إلى منح البشير كافة الصلاحيات ليكون هو الحاكم المطلق”. وعزز المراقبون رؤيتهم ” بأن ما سارع بالحرب في جنوب كردفان كان تزوير انتخابات والي الولاية، وهو القشة التي قصمت ظهر بعير شراكة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الهشة والتي انتهت باستفتاء الجنوبيين لصالح الانفصال مثلما أقال البشير والي النيل الأزرق مالك عقار”, وأضافوا” أيضا حتى داخل المؤتمر الوطني نفسه شهدنا تململ ولاة الجزيرة وبورتسودان وبعض ولايات دارفور”.
ويريد دعاة تعديل الدستور تمكين البشير من الامساك بكل المفاصل واحكام قبضته على السلطة” وأعاد المراقبون إلى الاذهان الخلاف بين البشير وشيخه حسن الترابي في عام 1998 ، وكان أحد عوامل الخلاف طريقة اختيار الولاة”.