حرب إثيوبيا.. مشهد معقد وآمال على «إيقاد»

يبدو أن اتصال بلينكن حمل مباركة لجهود حمدوك- من خلال موقعه رئيساً للدورة الحالية لـ«إيقاد»- لعقد قمة أفريقية تقود مفاوضات لوضع حل دائم للصراعات الإثيوبية- الإثيوبية.
التغيير- أمل محمد الحسن
لفت عبور «3» آلاف لاجئ إثيوبي للحدود السودانية، أواخر يوليو المنصرم، أنظار الإقليم والعالم، إلى تطور الصراع داخل إثيوبيا، لجهة أن هذا الرقم يمثل أكبر عدد من اللاجئين الذين يصلون الأراضي السودانية منذ اندلاع صراع الحكومة الإثيوبية وحركة تحرير تيغراي في نوفمبر الماضي.

تدخل أمريكي
المخاوف من تدهور الأوضاع الإنسانية جعل الحكومة الأمريكية تقوم بعدد من الخطوات لبحث إمكانية ضمان مرور المساعدات الإنسانية إلى إقليم تيغراي المشتعل.
ورغم التهديد الأمريكي بإمكانية فرض عقوبات على أديس أبابا حال استمر تعنتها في عدم السماح للمساعدات الإنسانية بالوصول للمتضررين؛ إلا أن مديرة المساعدات الأمريكية سامانثا باور، غادرت البلاد الخميس دون الالتقاء برئيس الوزراء آبي أحمد- وفق مصادر إعلامية.
إلى جانب إرسال الولايات المتحدة للسيدة باور، هاتف وزير الخارجية الأمريكي أنطوني ج. بلينكن، رئيس الوزراء السوداني د. عبد الله حمدوك لمناقشة المخاوف المشتركة بشأن توسع المواجهات المسلحة في منطقتي أمهرة وعفر الإثيوبيتين.
كما تناول الحديث الهاتفي، وفق بيان للخارجية الأمريكية، تدهور الأوضاع الإنسانية في إقليم تيغراي.
وكشف وزير الخارجية الأمريكي عن تقارير تؤكد عودة القوات الإريترية إلى داخل الأراضي الإثيوبية، وأشار إلى تأثير ذلك على الاستقرار الإقليمي.
أمريكا تبارك جهود «حمدوك» لاحتواء الصراع الإثيوبي
قمة «إيقاد»
ويبدو أن اتصال بلينكن حمل مباركة لجهود حمدوك، من خلال موقعه رئيساً للدورة الحالية لـ«إيقاد»، لعقد قمة أفريقية تقود مفاوضات سياسية لوضع حل دائم للصراعات الإثيوبية- الإثيوبية.
وأكد بيان الخارجية الأمريكية تشجيع بلينكن لرئيس الوزراء السوداني في إجراء مفاوضات لوقف إطلاق النار.
وأشار بلينكن لضرورة السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل إلى المتضررين.
مصدر عسكري: جنود فارون يدخلون متخفين وسط اللاجئين
أوضاع النازحين
بعد وصول «3» آلاف طالب لجوء إثيوبي للبلاد؛ أكدت السلطات المحلية بالحدود السودانية الشرقية عدم توقف عبور اللاجئين للحدود.
وقال والي ولاية القضارف سليمان علي لـ«التغيير»، إن العدد الكلي الذي دخل ولايته من قبيلة الكومنت هو «902» فرد.
فيما أكدت مصادر حكومية لـ«التغيير»، أن العدد الكلي المسجل بمركز استقبال حمداييت، حتى الثاني من أغسطس الحالي بلغ «5877» طالب لجوء.
وعدد المسجلين باستقبال المدينة «8» في ذات التاريخ وصل لـ«3033» طالب لجوء.
أما العدد الكلي للاجئين الذين تم توزيعهم بالمعسكرات الدائمة بولاية القضارف (يوجد معسكران: أم راكوبة وطنيدبة) فبلغ «41.714» لاجئ.
ووفق التقارير الرسمية يوجد «1368» طالب لجوء من قبيلة القمز بمحلية باسندة، داخل ولاية القضارف.
كما يوجد «188» لاجئ من قبيلة تيغراي موزعين بين منطقة الشجراب، ومعسكر رقم «6» بالدمازين، وهؤلاء في انتظار التوزيع على المعسكرات الدائمة.
وأكد المصدر الحكومي، وجود «120» فرداً من المنتسبين لقوات حفظ السلام الإثيوبية الذين قدموا طلبات لجوء للحكومة السودانية، وأشار إلى وجودهم حالياً بمعسكر أم قرقور.
والي القضارف لـ«التغيير»: الجثث التي طفت فوق نهر سيتيت وجدت خارج الحدود السودانية
جهود حكومية
وفي السياق، أكد والي القضارف في حديث حصري مع «التغيير»، عمل «5» منظمات في مواقع الاستقبال- في ولاية القضارف هناك نقطتا استقبال هما حمداييت والكيلو 8- تقوم بتقديم الخدمات لطالبي اللجوء، بجانب وجود منظمة أطباء بلا حدود لتقديم الخدمات العلاجية.
وقال الوالي شارحاً أوضاع المعسكرات في ولايته: «تم توفير المياه، وتشييد المراحيض وتجهيز العيادات المتحركة».

وأشار إلى أن الأغذية يتولى مسؤوليتها منظمة «الفاو».
وأضاف بأن معتمدية اللاجئين والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين تعملان في تقديم وتوزيع المواد غير الغذائية «بطانيات، فرشات، صابون، احتياجات نسائية، أواني منزلية، ناموسيات، ولمبات تعمل بالطاقة الشمسية…».
وحول أنباء انتشار مرض الكبد الوبائي داخل المعسكرات، قطع والي القضارف بعدم ظهور أي حالات في المجتمع المضيف.
وكشف لـ«التغيير» أن الجثث التي تم العثور عليها لإثيوبيين مقيدين ومقتولين رمياً بالرصاص في نهر سيتيت لم تكن في الجانب السوداني، بل داخل الحدود الإثيوبية.
من جانبه؛ قطع مصدر عسكري من الحدود الشرقية، بدخول عناصر عسكرية إثيوبية ضمن اللاجئين، وأقر بعدم القدرة في التعرف عليهم.
وقال لـ«التغيير»: «يدخل الجنود الفارون من إثيوبيا إلى البلاد بأزياء مدنية، ويتخلون عن أسلحتهم».
من جهة أخرى، أكد المصدر العسكري الرفيع، عدم انزعاج قوات الجيش السوداني من تدفقات اللاجئين الإثيوبيين.
وأشار إلى أنه واقع إنساني يتطلب تضافر كافة الجهود لاحتوائه.
تعقد المشهد
أوضاع اللاجئين الإثيوبيين في الحدود الشرقية للبلاد «القضارف وكسلا» مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باستقرار الأوضاع داخل إثيوبيا، ومع تعنت آبي أحمد في قبول الوساطات لعقد مباحثات سياسية، لا توجد في الأفق الكثير من الحلول، خاصة مع عودة قوات جبهة تحرير تيغراي إلى العاصمة مقلي، وأسرهم قرابة «5» آلاف جندي من الجيش الفيدرالي الإثيوبي.
وفي تعقدٍ إضافي للمشهد الإثيوبي اندلعت الاشتباكات في عدد من الأقاليم الأخرى «عفر وأمهرا»، مجبرة قوميات أخرى على ترك مدنها وقراها والعبور إلى داخل الأراضي السودانية.
وكان رئيس الوزراء السوداني، رئيس «إيقاد»، أجرى عدداً من الاتصالات مع رؤساء الصومال وجيبوتي وجنوب أفريقيا، بجانب رئيس جنوب السودان، كما تلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره الإثيوبي لم يتم الافصاح عن تفاصيل ما دار خلاله.
وتعود بداية تفجر الأوضاع إلى نوفمبر من العام الماضي، بعد أن اتهمت الحكومة الإثيوبية جبهة تحرير تيغراي بقتل عناصر من الجيش واستيلائها على آليات تابعة له، الأمر الذي جعل آبي أحمد يرسل الجيش إلى الإقليم الشمالي المتاخم للحدود السودانية.
ورفض رئيس الوزراء الإثيوبي أي وساطة، من ضمنها وساطة رئيس الوزراء السوداني، قاطعاً بحسم الأمر، وحاصر مقلي عاصمة الإقليم وتمكن من اسقاطها بعد «3» أسابيع من اندلاع الاشتباكات.
إلا أن الأوضاع تغيرت من جديد وعادت جبهة التحرير تقاتل بقوة، وأسرت قرابة «5» آلاف ضابط من الجيش الإثيوبي، قامت باستعراضهم في طابور طويل داخل شوارع مقلي.
وحتى اللحظة يبدو المشهد معقداً ولا تلوح في الأفق الآلية المثلى لإنهاء هذا الصراع، وتتعلق الآمال بالجهود الدولية والإقليمية، لا سيما «إيقاد» لبحث الحل السياسي الذي يحقن الدماء ويجنب الإقليم الانزلاق نحو الفوضى.