أعمدة ومقالات

استيلا الأجنبية

عمر عشاري

لم ار انسانا عذبه الإنفصال كما فعل بروح صديقتي استيلا قايتانو ، ذلك ان امتداد البلاد من شمالها لجنوبها يسلك طريق الدم في شرايينها واوردتها .

لا تميز بين شمالي وجنوبي الوطن لديها خالص الصفاء والوضوح ويبدو انها لاتعترف بما الت اليه الأمور .

تم الانفصال ، ورفعت ” الأعلام ” وجفت الصحف ، ذلك اننا اليوم امام دولتين وعلمين وشعبين ولكن استيلا مصرة ان تكون ذاكرة السودان الواحد ، وهي في ذلك تمضي في مشاويرها بين جوبا والخرطوم ، تاخذ في صحبتها القدال لجوبا لتدشين مؤلفاتها امام السودانيين في الجنوب ، وتعود تحمل جرح القدال بعد رحيله امام السودانيين في الشمال ، تبكي كل يوم حينما ترى صورته وتبكي حينما تقرأ قصائده وهي رغم انشغال عينيها بالبكاء شعلة من النشاط المتقد لإخراج تأبين شاعر الوطن بالشكل الذي يليق ، مقررة للجنة العليا لتأبين قدال ، وعمودها الفقري ، وهي اثناء ذلك مشغولة بالمعرفة وثقافة السلام تجمع الكتب من كل حدب وصوب لتسافر للضعين ونيالا والجنينة لتحقيق الحلم ولتصنع فرقا بكتاب ، تود عبر الثقافة وترسيخ مفاهيم السلام ان تسترد روح البلاد السمحة من براثن الفرقة وملامح الاحتراب .

تعالج فينا جراح الفقد ، وتنتج المعرفة ، وتكتب للكبار وللصغار ، وتحارب التجهيل ، وتحاول ان تباصر هوية اطفال والدتهم من الجنوب ووالدهم من الشمال

سودانية تزوجت سودانيا وانجبت اطفالا سودانيين ، ولكن الوطن فاجأها بالانقسام ، وبالهويات المتعددة ، وبالجوازات المتنوعة وهي في حقيقة الامر ابنة الرحم الواحد والعلم الواحد والوطن الواحد ، فكتبت امسية الانفصال مقالا بعنوان ” قبال ما أبقى اجنبية ” فتحت فيه الجرح متسعا ونعت فيه الوحدة والسودان بشكله الوسيع .

وحينما انظر اليها في كل نشاط جماعي وفي كل فعالية ثقافية ، وفي كل شأن يرفع من قيمة السودان شماله وجنوبه عبارة عن دينمو يحرك الساكن من الأشياء بالكتابة وبالمبادرات وبالمحبة النادرة والصبر الجميل على المكاره ، ما ان شفيت من جراح الغدر بها وضربها في احد شوارع الخرطوم حتى عادت لبناء المبادرات القاصدة واضاءة اي مكان تتواجد فيه بروحها العذبة وهمتها العالية ، عادت تجمع الكتب وتعد للأوراق النقدية وتساعدنا جميعا في ان نقول للقدال الى اللقاء .

قالها قديما المفكر الخاتم عدلان ماهو المنفى وما هو الوطن ؟ وعلى نفس النسق وفي ظل خيانة الأوطان وافسادها وعدم البر بها والتنكر لمحبتها فمن هو المواطن ومن هو الأجنبي؟!

وأنا ما بجيب سيرة الجنوب

الاف التحايا لروح القدال العالية

والف سلام ومحبة لنجمة الصباح .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى