المجد لك

خالد فضل
شخصي ونديداتي وأندادي؛ ممن ولدوا عقب 21 أكتوبر 1964م وحتى 25مايو 1969م, نعتبر أنفسنا مواليد عهد الثورة الشعبية الأولى, ليس في السودان وحده بل على نطاق دول العالم الثالث كلها. تلك البلدان التي خرجت من حقبة الاستعمار الأوربي منذ عقد الخمسينات في القرن الماضي وحتى مطالع السبعينات تباعاً.
وبطبيعة الحال، عندما خرجت تلك الشعوب من الاستعمار لم تدخل مباشرة إلى دائرة الاستقلال الوطني التام, لقد ظلت ترزح لعقود متطاولة تحت نير أنماط حكم وطني اسماً ولكنه في الحقيقة أسوأ ممارسة من المستعمرين أنفسهم، ولعل الكاتب الأفريقي أرماه (من غانا) قد أشار لذلك, وعبّر عن خيبة الأمل في روايته الشهيرة ( الجميلون لم يولدوا بعد).
جيلي من مواليد ثورة أكتوبر، يحق لهم الفخر، بأنّ صرخة ميلادهم صادفت الهواء العذب المعبق بعطر الثورة, لقد استنشقت أنوفنا الغضة تلك الريح الطيبة, وتفتحت عيوننا على مرأى الثوار, والنشيد والأكتوبريات وملحمة هاشم صديق ومحمد الأمين, وحداء ود المكي وبوح الفيتوري الصريح, لهذا, ونحن مع أكتوبر فوق الخامسة والخمسين, منا من صار جدا وحبوبة بعضنا من الأحياء رزقوا الولد والبنت, وبعضنا غادر دار الفناء, لكن تبقى ذكرى ثورة أكتوبر كأحد أههمّ ملاحم شعبنا ويستحق عليها الوصف الحصيف المجد لك ما انبلك.
ثورة إثر ثورة
شعب توارث الثورات جيلاً إثر جيل, وما بين كنداكات وشفاتة العام 2021 وثوار أكتوبر صناع المجد وصانعاته, وشيجة انتماء أصيل لقيم السلام الحرية والعدالة. والمجد لك يا هذا الشعب الراقي المعلم, المجد للأجيال الصاعدة التي تملك الرؤية والعزيمة وهي تنشد بناء مستقبلها وللأجيال القادمة, تحت رايات السلام والحرية والعدل. المجد لك, ومواكب الثوار تعيد دوزنة المشهد الراهن بما يعيد للثورة السودانية كل البهاء والنقاء, لقد سمعتهم يعبرون في مواقف متعددة “نحنا ما راضيين عن حكومتنا أيوا ما راضيين , ولكن لن نفرط في ثورتنا” هذا أفق ديمقراطي مبصر, التفريق بين حكومة يشغل وظائفها عشرات الأفراد, وبين ثورة بناء شاملة صنعها ويحرسها ملايين الشابات والشباب, وهذا هو العنوان الأبرز في مواكب ثوار الخميس 21 أكتوبر 2021م, بعد بضع وخمسين سنة على أكتوبر الأولى, وبمثل ما سطّر الشعب مجدا محا به عار 30يونيو1989م.
ها هم الثوار يعيدون ألق أكتوبر, يبعثون قيمها, ينشدون الحلم, حلم الوطن الشامخ العاتي, وطن المواطنة بلا تمييز والعدالة بكامل مستحقاتها, وطن يليق بقامات الشهداء, عظمة ورفاقه الأبرار, وسيكون لهذا الجيل ما يريد حتماً, وسيحقق دولته المدنية كاملة الدسم, وستنزوي خفافيش الظلام مرّة واحدة وإلى الأبد.
فأمام طموحات وتطلعات الجيل الراكب راس، لم ولن يجدي الرصاص, فعلى من في رأسه ذرة عقل أن يختار الموقف الصحيح فوراً, ولا صحة في تقديري غير الانحياز لتطلعات هذا الشعب الماجد الكريم ولقواه الشبابية الصاعدة وليدات وبنيات نساء ورجال, والمجد لك.